المقالات

لماذا نكرر نفس الأخطاء رغم وعينا؟ (فهم الأنماط النفسية العميقة)

لماذا نكرر نفس الأخطاء رغم وعينا؟ (فهم الأنماط النفسية العميقة)

كم مرة قلت لنفسك:
"لن أعود لهذا الشخص"... ثم عدت؟
"لن أتحمل هذا الموقف مجددًا"... ثم تحملته؟
"أنا أعلم أين الخطأ"... لكنك كررته؟

السؤال الكبير:
إذا كنا نعرف… لماذا لا نغيّر؟

في هذا المقال، نغوص في عمق العقل والسلوك لنفهم:

  • لماذا نكرر نفس الأخطاء رغم وعينا بها؟
  • ما الذي يمنع التغيير؟
  • وكيف نكسر الدائرة ونبدأ فعلًا رحلة الترميم الداخلي؟

الفهم لا يكفي… لماذا؟

لأن العقل الواعي (الذي يعرف الخطأ)
ليس هو من يقود سلوكك أغلب الوقت.

بل الذي يتحكم فعليًا هو:

  • العقل الباطن (المخزن العاطفي)
  • الأنماط النفسية القديمة
  • البرمجة التلقائية التي تشكّلت في طفولتك أو تجاربك السابقة

أمثلة شائعة:

  • تعلمين أنه لا يستحقك، لكنك تبقين معه
  • تعرف أنه ليس الوقت المناسب للمصالحة، ومع ذلك ترضخ
  • تقول: "هذه آخر مرة أؤجل أهدافي"… وتؤجل مجددًا

الوعي العقلي موجود، لكن المشاعر أقوى.
وغالبًا ما تفوز المشاعر في معارك القرار.

لماذا نكرر نفس الأنماط؟

1. لأننا مألوفون بالألم أكثر من الأمان

العقل الباطن يرتاح لما يعرفه، حتى لو كان مؤلمًا.
إذا كنت تعودت على الإهمال مثلًا، فقد تنجذب لا شعوريًا لمن يعاملك بجفاء — لأنه "أشبه بالمنزل" القديم.


2. الطفل الداخلي لم يُسمَع بعد

وراء كل سلوك متكرر "غير منطقي"، هناك طفل خائف أو حزين يريد الأمان بأي ثمن.
وحتى لو كبرت، لم تُشْفَ بعد من جروح الطفولة (الرفض، الخذلان، التجاهل).

3. الذنب أو التعلق أو الخوف من الوحدة

نظن أن التغيير = خسارة، أو أن الرحيل = ظلم للآخرين.
فنختار الألم المألوف على "الخوف من المجهول".

4. نحتاج شعورًا مختلفًا، لا فكرة جديدة

العقل يتغير بالمشاعر لا بالمعلومات فقط.
لن يكفي أن تقرأ أو تدرك — ما لم تعيش الشعور الجديد، وتبنيه يومًا بعد يوم.

كيف نكسر الحلقة المفرغة؟

1. لاحظ النمط دون لوم

بدل أن تقول "أنا فاشل لأنني أكرّر نفس الخطأ"، قل:

"هذا نمط قديم بداخلي… سأفهمه بدل أن أكرهه."

2. اسأل: ما الشعور الذي أبحث عنه فعلًا؟

مثال: إذا عدت لعلاقة مؤذية… هل تبحث عن الحب؟ التقدير؟ عدم الشعور بالوحدة؟
افهم الجذر — لا تكتفِ بالسطح.

3. تقبّل أن التغيير ليس لحظيًا

الأنماط لا تنكسر في ليلة.
لكن كل مرة "تتوقف"، "تنسحب"، أو "تختار وعيك"، فأنت تعيد برمجة نفسك من جديد.

4. ابدأ برد فعل صغير مختلف

تذكر:

التغيير يبدأ من خطوة واحدة عكس التي اعتدت عليها.

حتى لو كانت:

  • عدم الرد
  • تأجيل قرار
  • قول "لا"
  • أو فقط التراجع والصمت الواعي

تمارين بسيطة للتعافي من التكرار:

  • ✍️ الكتابة اليومية: اسأل نفسك: ما الذي أكرّره؟ ولماذا؟
  • 🎧 تأملات شفاء الطفل الداخلي (متوفرة مجانًا على يوتيوب)
  • 💬 العلاج بالكلام: مع مختص أو حتى صديق واعٍ
  • 🧩 التحليل السلوكي: راقب أنماطك بفضول لا بحكم

خلاصة

الوعي هو الخطوة الأولى… لكن الفعل المختلف هو الشفاء الحقيقي.
وما تكرّره اليوم، يمكنك أن تكسره غدًا — بلحظة صدق، وخطوة شجاعة.

أنت لست ضعفك…
أنت وعيك الجديد، وفرصتك القادمة.

📚 للمزيد من المقالات العميقة عن التغيير الذاتي والنضج النفسي، تصفّح ويب صحتي.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-