تختلف أنواع الاحتقان باختلاف موضعه في الجهاز التنفسي؛ فقد ينتج عن نزلة برد أو حساسية بـاحتقان الأنف (انسداد الأنف أو سيلانها)، أو احتقان الحلق (التهاب الحلق وألم البلعوم)، أو احتقان الصدر (وجود البلغم في الشعب الهوائية). ولكل نوع أدوية فعالة تُصرف عادةً على شكل أقراص أو شراب. فيما يلي عرض مفصّل لأبرز حبوب الاحتقان لكل حالة، مع شرح المادة الفعالة وآلية العمل والجرعة والفئات العمرية والتحذيرات.
احتقان الأنف وعلاجه (مزيلات الاحتقان)
عند الإصابة بالزكام أو التهاب الجيوب الأنفية أو الحساسية، تنقبض الأوعية الدموية في الأنف مما يزيد الشعور بالانسداد. توصف مزيلات الاحتقان لتخفيف هذا الانسداد عن طريق تقليل تورم الأغشية المخاطية. من أهمها:
سودوإفدرين (Pseudoephedrine):
- آلية العمل: مشتق أمفيتامينى يحاكي عمل الجهاز العصبي الودي، فيضيّق الأوعية الدموية في الأنف والجيوب الأنفية فيخف الاحتقان.
- الجرعة: للبالغين والأطفال ≥12 عاماً: 60 ملغ كل 4–6 ساعات، بحد أقصى 240 ملغ يومياً. للأطفال 6–12 سنة: 30 ملغ كل 4–6 ساعات (لا يزيد عن 120 ملغ/يوم). يُمنع تحت 4 سنوات إلا بإذن طبي.
- الأسماء التجارية: Sudafed وسودافيد وغالباً يُدمج مع مضادات السعال أو مضادات الهيستامين في أقراص مثل كونتاك أو ديكولد.
- الآثار الجانبية: قد يسبب الأرق، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة خفقان القلب، وجفاف الفم. ينصح بتناوله بعد الطعام لتفادي الغثيان.
- التحذيرات: يرفع ضغط الدم وقد يسبب الأرق والهياج، فيتجنب في حالات فرط نشاط الغدة الدرقية، وارتفاع ضغط الدم الشديد، ومشاكل القلب والسكري. يتطلب صرفه في بعض الدول بموجب أدوية موصوفة أو خلف الصرف الصيدلاني بعلامة خاصة.
فينيلإفرين (Phenylephrine):
- آلية العمل: مضاد احتقان محلّي وفعّال عن طريق تضييق الأوعية الدموية في الأنف، ممّا يقلّل الوذمة الأنفية.
- الجرعة: للبالغين ≥12 سنة: 10 ملغ كل 4 ساعات (يعادل 60 ملغ/يوم). لا يُوصى باستخدامه للأطفال دون 12 سنة.
- الأسماء التجارية: Sudafed PE وسودافيد (PE) وغيرها.
- الآثار الجانبية: مماثلة لدواء السويدوفدرين، مثل ارتفاع ضغط الدم، والدوخة، والأرق. تُعد فعاليته الفموية أقل من السودوافدرين، وقد أشارت لجنة غذاء وأدوية أمريكية إلى أن الاستجابة له أقل قوة.
- التحذيرات: يمنع في حالات ارتفاع ضغط الدم الشديد أو أمراض القلب. يُصرف غالباً بدون وصفة طبية لكن يحظر استخدامه لفترات طويلة.
مضادات الهيستامين (Antihistamines):
- تستخدم عند الاحتقان الناتج عن الحساسية، فهي تقلل من أعراض العطس والرشح. الأنواع البسيطة مثل كلورفينيرامين وبرومازين لها تأثير مهدئ. والأحدث مثل سيتيريزين ولوراتادين لا تسكن ولا تسبب النعاس كثيراً. مع أنها لا تعتبر «حبوب مزيل احتقان» مباشرة، فإنها تخفف التورم والأعراض المصاحبة للحساسية. (مثال: تيلفاست، كلاريتين).
ملاحظة: يُنصح بالانتباه لعدم مضاعفة جرعات الأدوية التي تحتوي على نفس المادة الفعّالة (مثلاً لا تأخذ دواءين يحتويان على السودوافدرين في نفس الوقت). ولا يستخدم مزيلات الاحتقان فترة طويلة حتى لا يحدث «احتقان انعكاسي» نتيجة الإدمان على بخاخات الأنف؛ إذ يجب استخدامها بأقل جرعة ممكنة ولمدة قصيرة (أيام معدودة).
احتقان الحلق وعلاجه
مصطلح «احتقان الحلق» يطلق غالباً على التهاب أو انتفاخ الحلق أو اللوزتين، وقد يرافقه ألم وصعوبة في البلع. معالجة هذه الحالة تتم بعدة طرق دوائية:
- مسكنات الألم والخافضات للحرارة: لألم الحلق الناتج عن التهاب، تستخدم الأدوية العامة مثل باراسيتامول (أسيتامينوفين) وإيبوبروفين. تخفف الالتهاب والألم بشكل عام. الجرعة النموذجية للبالغين: 500–1000 ملغ باراسيتامول كل 4–6 ساعات (لا يتجاوز 4 غرام/يوم)، و200–400 ملغ إيبوبروفين كل 6–8 ساعات مع الطعام. هذه الأدوية آمنة للمسنين والأطفال (جرعات منخفضة حسب الوزن)، لكن يحذر من إيبوبروفين لمرضى قرحة المعدة أو حساسية إيبوبروفين.
- أقراص الاستحلاب (لووزنجيز) للحلق: أشهرها ستربسلز (Strepsils) التي تحتوي على مادتين مطهرتين هما ثنائي كلورو البنزيكول وأميل ميتا-كريسول، إلى جانب مسكن خفيف وبلسم للاحتقان. ثنائي كلورو البنزيكول مادة مطهرة تقوم بتعقيم الفم والحلق، وأميل ميتا-كريسول مضاد للبكتيريا والفيروسات المسببة لألم الحلق. تُؤخذ قرص استحلاب (أو أكثر حسب الحاجة) عادة 4–6 مرات يومياً، بوضعه تحت اللسان حتى الذوبان. تناسب هذه الأقراص البالغين والأطفال من عمر 6 سنوات فما فوق. الآثار الجانبية نادرة وقليلة الخطورة؛ فقد يحدث تنميل خفيف أو تهيج موضعي. ستربسلز متوفرة بنكهة الليمون أو العسل، وبعض التركيبات تحتوي على فلوربيوبروفين (مضاد التهاب خفيف).
- مضادات الإلتهاب الموضعية: مثل بخاخات أو استحلابات تحتوي على ليودوكائين (Benzocaine) لتخدير الحلق موضعياً، لكنها تقليل الفعاليات عند الأطفال. مثال: أقراص كلوراسبتك (Chloraseptic) تحتوي على بنزوكائين مخدر موضعي في كل قرص. تؤخذ حسب التعليمات (قرص أو بخاخ قبل الأكل)، مع الانتباه لجرعة الأطفال. قد تسبب أحياناً تنميل مؤقت في الفم والحلق.
عموماً، يجب تناول الكثير من السوائل الدافئة وتجنب المهيجات (كالتبغ والكافيين). وإذا استمر الالتهاب أكثر من أسبوع أو صاحبته حرارة عالية وإفرازات قيحية، فينبغي مراجعة الطبيب فقد يتطلب الأمر مضادات حيوية.
احتقان الصدر وعلاجه
يعني وجود بلغم أو إفرازات مخاطية في الشعب الهوائية والأسناخ الرئوية، غالباً نتيجة التهاب الشعب الهوائية أو نزلات البرد. يهدف العلاج إلى تخفيف لزوجة المخاط وتجميعه لتسهيل طرده. أبرز الأدوية على شكل حبوب أو شراب:
- جوايفينيسين (Guaifenesin):
- آلية العمل: طارد للبلغم (Expectorant) يزيد من إفرازات الشعب الهوائية ويقلل لزوجة المخاط، مما يسهل خروجه بالسعال.
- الجرعة: للبالغين: 200–400 ملغ كل 4 ساعات (لا تتجاوز 2400 ملغ/يوم). للأطفال 6–12 سنة: 100–200 ملغ كل 4 ساعات. يؤخذ مع كمية كافية من الماء. يوجد بنوعي سريع المفعول وطويل المفعول (Extended-Release).
- الأسماء التجارية: Mucinex، Robitussin Chesty (شراب)، عدة مسكنات/كحة تركيبات. متوفر بدون وصفة طبية.
- الآثار الجانبية: نادراً ما يسبب اضطراباً هضميّاً بسيطاً كالغثيان أو الإسهال. قد يظهر صداع أو طفح جلدي خفيف. يُنصح بالامتناع عن استعماله للأطفال دون 6 سنوات دون استشارة طبية.
- أمبروكسول (Ambroxol) مذيب للبلغم (ميوكوليتك):
- آلية العمل: يساعد على تحليل ألياف المخاط المكوّنة للبلغم، فيجعله أرق وأقل لزوجة ليسهل طرده. كما أن له تأثير مخدر موضعي يخفف ألم الحلق.
- الجرعة: البالغون: 30–120 ملغ يومياً مقسمة على 2–3 جرعات. مثلاً قرص 30 ملغ ثلاث مرات يومياً أو كما يصف الطبيب. الأطفال فوق 5 سنوات تُعطى شراب حسب العمر.
- الأسماء التجارية: Mucosolvan (ميكوسولفان)، Ambroxol، Bisolvoner، إلخ. يُصرف أحياناً بوصفة.
- الآثار الجانبية: قد يتسبب ببعض اضطرابات خفيفة بالجهاز الهضمي (غثيان، قيء، ألم بطن) وتظهر طفح جلدي أو أرق نادراً. يجب الحذر في حالات قرحة المعدة الحادة والحمل والرضاعة وتحت إشراف الطبيب.
- برومهيكسين (Bromhexine): دواء آخر معتمد مذيّب للبلغم، يعمل شبيهاً بالأمبروكسول. جرعته للبالغين: قرص 8–16 ملغ 3 مرات يومياً. يُستخدم بدائل أو مع أمبروكسول في بعض الحالات.
- مضادات السعال (حسب نوع السعال): إذا كان هناك سعال مصحوب ببلغم نشط، لا ينصح عادة بتسكينه بالمطاط (Codeine أو Dextromethorphan) لأنه يمنع طرد البلغم. لكن إذا كان السعال جافاً ومزعجاً، يمكن استخدام مطهرات السعال (مثلاً ديكستروميثورفان) مؤقتاً لتخفيف السعال بغض النظر عن البلغم. هذه الأدوية تحتاج وصفة الطبيب في معظم البلدان.
عند استخدام مقشعات البلغم، من المهم شرب الكثير من الماء والسوائل ليساعد ذلك في تسييل الإفرازات. كما ينبغي السعال بشكل منتظم لطرد البلغم. إذا لم يتحسن السعال الجاف أو المبلل خلال أسبوع، أو كان مصحوباً بحمى، فيجب استشارة الطبيب.
مقارنة عامة ونصائح السلامة
- مقارنة مزيلات الاحتقان (سودوإفدرين vs فينيلإفرين): يعد السودوافدرين أكثر فعالية في تخفيف احتقان الأنف، لكنه قد يسبب آثاراً جانبية أقوى مثل الأرق وزيادة الضغط، لذلك قد يفضِّل البعض الفينيليفرين لفعاليته المتوسطة وآمانه النسبي.
- تجنب تكرار المفعول: غالباً ما تأتي أدوية الزكام المركبة بعدة مكونات (مسكن + مزيل احتقان + مضاد للسعال). لا يجدر بالمستخدم تناول أكثر من دواء يحتوي على نفس المكوِّن (مثلاً السودوافدرين أو الباراسيتامول) في وقت واحد.
- الفئة العمرية: ليس كل أدوية الاحتقان مناسبة للصغار. على سبيل المثال، لا ينصح بسوادفدرين أو فينيليفرين للأطفال دون 6 سنوات. بالمقابل، مسكنات الألم مثل الباراسيتامول والإيبوبروفين آمنة مع مراعاة الجرعات الخاصة بالأطفال، بشرط التوجيه الصحيح.
- الحالات المرضية: يجب توخي الحذر أو تجنب العديد من أدوية الاحتقان (خاصة مزيلات الاحتقان الفموية) في حالات ارتفاع الضغط، القلب، السكري، فرط نشاط الغدة الدرقية، تضخم البروستاتا، الزرق (جلطة العين)، وفترات الحمل والرضاعة إلا بإذن الطبيب.
- التداخلات الدوائية: بعض مضادات الاحتقان قد تتفاعل مع أدوية أخرى (مثلاً لا يؤخذ السودوافدرين مع مثبطات مونوأمين أوكسيديز MAO). على المرضى إخبار الطبيب أو الصيدلي بكل الأدوية والمكملات التي يتناولونها.
- مدة الاستخدام: لا ينبغي الاستمرار في تناول أقراص الاحتقان الفموية أو استنشاق البخاخ لأكثر من أسبوع بدون مراجعة، لأن استمرارها قد يؤخر الشفاء الطبيعي أو يُحدث الاعتياد (الخمول الارتدادي).
الخلاصة
تتوفر أنواع كثيرة من الحبوب لمكافحة الاحتقان بأنواعه. للاحتقان الأنفي يفضّل مزيلات الاحتقان مثل السودوافدرين أو الفينيليفرين مع مراعاة الجرعة المناسبة والتحذيرات الصحية. لألم واحتقان الحلق تكون الأقراص الاستحلابية مثل ستربسلز مع المسكنات العامة (باراسيتامول/إيبوبروفين) مفيدة. أما للاحتقان الصدري فيُعتمد على طاردات البلغم مثل الجوايفينيسين والأمبروكسول لتخفيف المخاط. ينصح دائماً باتباع تعليمات الجرعة، وقراءة النشرة داخل العلبة، واستشارة الطبيب أو الصيدلي في حال وجود أمراض مزمنة أو عند الأطفال الصغار. كما يجب ترطيب الجو وشرب السوائل الدافئة للراحة، والراحة الكافية لتسريع التعافي. سلامتك أهم؛ لذا لا تتردد في استشارة الطبيب إذا استمرت الأعراض أو ازدادت سوءاً.
المصادر: معلومات دوائية موثوقة من دليل MSD ومصادر طبية عالمية (Mayo Clinic) بالإضافة إلى مواقع الصحة العربية.